٢٣ أبريل ٢٠٢٥

شاحن سيارتك الكهربائية: البطل الصامت لعصر الطاقة النظيفة

 

يسير العالم بخطى ثابتة نحو الاعتماد على التكنولوجيا، لتوليد الكهرباء في المستقبل باستخدام مصادر الطاقة البديلة، فيما تتفاقم تبعات الاحتباس الحراري يوما بعد الآخر.

ويثير هذا الأمر حيرة العلماء، لأن الطاقة الزائدة تحتاج إلى وجود معدات تخزين، وهو ما قد نجده في بطاريات السيارات الكهربائية.

في قصة الاستدامة وتوليد الطاقة والحفاظِ على موارد الكوكب، تدخل البطاريات الكهربائية لتأخذَ حصةً واسعةً من الاهتمام، إذ قد تساعد السيارات الكهربائية بشكل كبير في استقرار شبكاتِ الطاقة من خلال إعادة ضخ الكهرباء فيها، إضافة إلى توفيرها مساعدة في مجال تطوير الطاقات المتجددة، وتلك كانت نتائج دراسة نُشرت في مجلة "نيتشر".

ويعد التحول نحو الطاقات المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية أمراً أساسياً لمكافحة الاحترار المناخي، إلا أن هذه الطاقاتِ التي تُنتِجُ الكهرباءَ بصورة متقطعة، تحتاج إلى تطوير قدراتِ تخزين الكهرباء على المدى القصير.

ويقود هذا الأمرُ للحديث عن تقنية جديدة تُدعى V2G التي تتيح نقلَ الكهرباء المخزَّنةِ من المَركبة إلى الشبكة وهي قيدَ التطوير حاليا، حيث تسمح لبطاريات السيارات بتخزين الطاقةِ عند توفر كَميةٍ كبيرة من الكهرباء، ثم إعادةِ ضخِّها عبر الجهاز نفسِه عندما تفتقر الشبكةُ للكهرباء،

ومع انتشار السيارات الكهربائية، يمكن تلبيةُ الطلب على تخزين الطاقة هذا بحلول عام 2030 في معظم الدول.

ويمكن أن تصبحَ البطاريات بحلول عام 2050 تَسَعُ لكميةِ كهرباء تراوح بين اثنين وثلاثين إلى اثنين وستين تيراواطًا، أيْ أكثرَ من احتياجاتِ التخزين التي تتوقعها الوكالةُ الدولية للطاقة المتجددة.

وتضمنت الدراسة بياناتٍ خاصةً بالأسواق الصينية والأوروبية والأميركية والهندية، فيما أخذت في الاعتبار عواملَ عدة كمُختلِفِ تقنيات البطاريات، والمسافاتِ التي تقطعها السياراتُ أو متوسطِ درجاتِ الحرارة التي تؤثر على عُمر البطارية.

السيارات الكهربائية تقود التحول الأخضر

 

سيارات كهرباء

يُنظر إلى السيارات الكهربائية بوصفها التكنولوجيا الأساسيّة لتقليص انبعاثات الكربون في قطاع النقل البري الذي يمثل حوالي سُدس الانبعاثات العالمية.

ويبلُغ متوسّط درجة حرارة سطح الأرض العالمية اليوم حوالي 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي، ممّا يؤدي إلى موجات حرّ وظواهرَ جوية متطرفة -إذ سُجلت أرقام قياسية هذا العام- حتى قبل بلوغ انبعاثات غازات الدفيئة ذروتها.

كما أن قطاع الطاقة يُعتبر السبب الرئيس أيضاً للهواء الملوَّث الذي يضطرّ أكثر من 99% من سكان العالم إلى تنفّسه، وهو مرتبط بأكثر من 6.7 مليون حالة وفاة مبكّرة سنوياً.

انطلاقاً من هذا الواقع المعقّد، سوف يذكي ظهور اقتصاد جديد للطاقة النظيفة، يعتمد على الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية الأمل في السير في الطريق الصحيحة؛ لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ.

ويشير تقرير “توقّعات الطاقة العالمية” الأخير إلى ارتفاع الاستثمارات في الطاقة النظيفة بنسبة 40% منذ عام 2020، وانتشار استعمال التقنيات الصديقة للبيئة.

وفي ذلك العام، كانت واحدة من كل 25 سيارة تُباع حول العالم سيارةً كهربائية، لترتفع بشكل واضح في عام 2023 وتصل إلى سيارة واحدة من أصل كل 5 سيارات عالمياً.

وشهدت سوق السيارات الكهربائية في السنوات الأخيرة قفزةً هائلة على الصعيد العالمي، إذ تجاوزت المبيعات 10 ملايين سيارة كهربائية عام 2022، حسب تقرير نشرته الوكالة الدولية للطاقة، التي تتوقع بيع 14 مليوناً نهاية العام الجاري.

ونتيجة لذلك، يمكن أن تمثل السيارات الكهربائية 18% من إجمالي مبيعات السيارات على مدار العام بأكمله.

السيارات الكهربائية تعني انبعاثات أقل

تُعد السيارات الكهربائية جزءاً مهماً يُسهم في تحقيق الأهداف العالمية للحدّ من تغيّر المناخ، كما أنها عنصر من العناصر المُسهمة في تخفيف الانبعاثات الغازية للحدّ من الاحتباس الحراري إلى أقل من 1.5 درجة مئوية.

ويتّفق الخبراء على نطاق واسع على أن السيارات الكهربائية تخلق بصمة كربونية أقلّ على مدار عمرها مقارنة بالسيارات والشاحنات التقليدية العاملة بالوقود.

ومردّ ذلك إلى أن الانبعاثات الناتجة عن وسائل النقل البري لا تقتصر على انبعاثات عوادم السيّارات فقط، بل على مجمل انبعاثات دورة حياة الوقود.

وتشمل هذه الأخيرة عملية استخراج الوقود وتكريره ونقله، إلى جانب انبعاثات دورة حياة المركبة التي تشمل إنتاج مكوّنات العربة، ومراحل صناعتها، حتى إعادة تدويرها واستخدامها في نهاية عمرها الافتراضي.

ولا تُصدِر السيارات الكهربائية أي انبعاثات، فيما يُصدر النموذج الهجين منها انبعاثات أقلّ بكثير من المركبات التقليدية، لكن وبشكل عام، تُنتج السيارات الكهربائية خلال دورة حياتها كميّات أقلَّ من غازات الدفيئة وملوثات الهواء مقارنة بما يعادلها من البنزين أو الديزل.

وعادةً ما تكون الانبعاثات أعلى في مرحلة إنتاج السيارة الكهربائية؛ بسبب الطاقة الإضافية اللازمة لاستخراج معادن بطاريات الليثيوم-أيون ونقلها وتصنيعها، وهي نقطة سلبيّة يعمل المصنّعون على تطوير حلول لها.

ومن المتوقع أن يُصبح إنتاج السيارات الكهربائية أكثر كفاءةً، وإنتاج الكهرباء أنظفَ، بشكل يُمكّن من خفض انبعاثات دورة حياة السيارة الكهربائية النموذجية عاماً بعد عام، لتصل إلى 73% على الأقل مع حلول عام 2050.

ورغم طبيعة الوضع الحالي، فإنّ الكلفة البيئية المرتفعة للإنتاج يجري تقليصها عند استخدام الطاقة الفائقة للمركبات الكهربائية على مرور الوقت.

وعادةً ما يكون إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة المرتبطة بتصنيع وشحن وقيادة السيارة الكهربائية على مدار عُمرها أقلَّ من إجمالي غازات الدفيئة المترتّبة عن السيارات العاملة بالبنزين.

ووفقاً لتقرير وكالة البيئة الأوروبية، كانت انبعاثات غازات الدفيئة من السيارات الكهربائية أقلّ بحوالي 17- 30% من انبعاثات سيارات البنزين والديزل.

طاقة نظيفة لسيارات بدون انبعاثات

لا تأتي انبعاثات غازات الدفيئة مباشرة من المركبات الكهربائية، إلا أنها تعمل بالكهرباء التي لا يزال جزء كبير من إنتاجها حول العالم معتمداً على الوقود الأحفوري.

ومع ذلك، نظراً إلى وجود اتجاه مشترك لدى دول العالم للاعتماد على الطاقة النظيفة، وإزالة الكربون من عمليات توليد الكهرباء لتحقيق أهدافها المناخية، فإن الانبعاثات الناتجة عن شحن المركبات الكهربائية الحالية ستنخفض بشكل كبير.

ويُتوقّع أن تنخفض الانبعاثات الناتجة عن صناعة وإنتاج المركبات الكهربائية الجديدة أيضاً، وهذا يعني أن السيّارات الكهربائية لديها القدرة على أن تكون خضراء بنسبة 100% بمجرد مغادرتها المصنع.

وتشير دراسة حديثة، قادها باحثون من جامعة إكستر وكلية لندن الجامعية، إلى أن العالم ربّما قد عبَر فعلياً “نقطة تحول” ستجعل الطاقة الشمسية مصدر طاقتنا الرئيسي.

ورجّحت الورقة البحثية المنشورة في مجلة “نيتشر كومنكيشنز” بعنوان “زخم التحول إلى الطاقة الشمسية”، أن تصبح الطاقة الشمسية الكهروضوئية مصدر الطاقة المهيمن قبل عام 2050.

ووفق الباحثين، فإن الطاقات الشمسية الكهروضوئية وطاقات الرياح تبدو جاهزة لتصبح التقنية المُهيمِنة لإنتاج الكهرباء في غضون عقد أو عقدين من الزمن، حتى من دون دعم من سياسات حكومية طموحة بخصوص المناخ.

وفي أوروبا، حيث ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية بشكل متزايد، يتّضح أثر الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة في تقليل الانبعاثات الناتجة عن شحن السيارات الكهربائية.

وكانت أفضل الدول أداءً سويسرا، التي تنتج طاقتها الكهربائية بالاعتماد على الطاقة النوويّة الكهرومائية.

وقد حققت انخفاضاً في متوسط إنتاج الكربون بنسبة 100% مقارنة بالمركبات العاملة بالبنزين، وفي النرويج 98%، وفرنسا 96%، والسويد 95%، والنمسا 93%، وفقاً لدراسة نشرتها رويترز.

وأظهرت البيانات أيضاً أن قيادة سيارة كهربائية في ألمانيا، والتي تعتمد على مزيج من مصادر الطاقة المتجددة والفحم، تحقق توفيراً بنسبة 55% فيما يخصّ غازات الاحتباس الحراري.

ووفقاً لبحث آخر أجرته منظمة النقل والبيئة (T&E) الأوروبية، فإن السيّارة الكهربائية المتوسطة في الاتحاد الأوروبي أفضل بثلاث مرات تقريباً، في ما يتعلّق بانبعاثات الكربون، من سيارة كفوءة تعمل بالبنزين أو الديزل.

ويُتوقع أيضاً أن تُقلّل مبيعات السيارات الكهربائية في عام 2030 من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أربعة أضعاف، وذلك بفضل شبكات الكهرباء في الاتحاد الأوروبي التي تعتمد بشكل متزايد على مصادر الطاقة المتجددة.

محطات شحن السيارات الكهربائية

الآن دعونا نتحدث عن المستويات المختلفة لمحطات الشحن.

إذا قمت بتوصيل السيارة الكهربائية مباشرة بمأخذ حائط أمريكي قياسي (المستوى 1)، دون استخدام محطة شحن، فستحصل على معدل شحن يبلغ حوالي 1 كيلو وات.

إذا حصلت على محطة شحن منزلية (المستوى 2) لشحن سيارتك بشكل أسرع، فمن المحتمل أن يكون تصنيف الطاقة لها في مكان ما بين 7 كيلو وات و19 كيلو وات.

إذا كنت تستخدم محطة شحن سريع عامة قديمة (المستوى 3 أو DCFC)، فقد توفر 50 كيلو وات.

وإذا كنت تستخدم محطة شحن سريع عامة متطورة، فقد توفر 150 كيلو وات أو أكثر.

كما ترى، من المهم فهم مدى سرعة محطة الشحن، لأن الطاقة التي توفرها قد تكون أسرع بنحو 150 مرة من مجرد توصيل سيارتك بمقبس الحائط.

بطاريات السيارات الكهربائية الآن دعونا نتحدث عن أحجام البطاريات.

على سبيل المثال، تتوفر سيارة نيسان ليف موديل 2019 بحجمين مختلفين للبطارية: 40 كيلوواط/ساعة و62 كيلوواط/ساعة. لنفترض أن لديك طرازًا بسعة 40 كيلوواط/ساعة، واشتريت له محطة شحن منزلية بقدرة 7 كيلوواط. إذا بدأت بشحنها ببطارية فارغة تمامًا (وهو أمر لن تفعله على الأرجح، لكن تحمّلني) وشحنتها بأقصى سرعة حتى امتلأت، فكم من الوقت سيستغرق شحنها بالكامل؟ نعم، حوالي 6 ساعات (40 كيلوواط/ساعة مقسومة على 7 كيلوواط = 5.7 ساعات).

كم من الوقت سيستغرق الأمر لو فعلتَ الشيء نفسه، ولكن باستخدام شاحن سريع بقدرة 50 كيلوواط؟ هذا صحيح: أقل من ساعة (40 كيلوواط/ساعة مقسومة على 50 كيلوواط = 0.8 ساعة، أو 48 دقيقة).

نطاق السيارة الكهربائية

الآن بعد أن أصبحت تعرف كيفية فهم محطات الشحن والسيارات، فإن الشيء الوحيد المتبقي لتعلمه هو كيفية فهم مدى سيارتك.

إذا كنت تمتلك سيارة تيسلا موديل إكس، فقد تقطع مسافة حوالي ٢.٥ ميل بالكيلوواط/ساعة. لنفترض أن لديك واحدة ببطارية ١٠٠ كيلوواط/ساعة. ما المسافة التي يمكنها قطعها نظريًا بشحنة واحدة إذا استطعت استخدام البطارية بالكامل؟ (مرة أخرى، ربما لن تفعل ولن تستطيع، وذلك بفضل بعض التفاصيل التي لن أطيل الحديث عنها الآن، لكن اصبروا). ١٠٠ كيلوواط/ساعة مضروبة في ٢.٥ ميل لكل كيلوواط/ساعة يساوي ٢٥٠ ميلًا.

لنأخذ الآن سيارة نيسان ليف المزودة ببطارية 40 كيلوواط/ساعة مرة أخرى. إذا قُدتها بكفاءة عالية في ظروف مناسبة، فمن المحتمل أن تقطع مسافة 8 كيلومترات بالكيلوواط/ساعة. فما هو مداها نظريًا؟ 40 كيلوواط/ساعة مضروبة في 5 أمتار/كيلوواط/ساعة يساوي 200 ميل.

وبالتالي، فإن سيارة نيسان LEAF المزودة بحزمة بطارية 40 كيلووات في الساعة قادرة على السير لمسافة تقارب المسافة التي تقطعها سيارة Tesla Model X المزودة بحزمة بطارية أكبر منها بحوالي مرتين!

الآن، دعنا نحاول إجراء اختبار أخير لمعرفتك الجديدة، ومعرفة مقدار المدى الذي يمكنك الحصول عليه لكل دقيقة من الشحن.

لنفترض أنك شحنت سيارة تيسلا موديل إكس ببطارية ١٠٠ كيلوواط/ساعة باستخدام شاحن سريع ١٥٠ كيلوواط/ساعة بأقصى سرعة. كم ميلاً يمكن أن تقطع في الدقيقة؟ حسنًا، ١٥٠ كيلوواط/ساعة مضروبة في ساعة واحدة = ١٥٠ كيلوواط/ساعة، مقسومة على ٦٠ دقيقة في الساعة، أي ٢.٥ كيلوواط/ساعة مُقدمة في الدقيقة. اضرب هذا في ٢.٥ ميل من المدى لكل كيلوواط/ساعة، لتحصل على ٦.٢٥ ميل من المدى لكل دقيقة شحن.

لنجرب الآن نفس المثال مع سيارة نيسان ليف. الشاحن هو نفسه، ما يعني أنك ستحصل على ٢.٥ كيلوواط/ساعة في الدقيقة. لكن سيارة ليف تستطيع قطع مسافة ٥ أميال بالكيلو واط/ساعة. لذا، ضرب ٢.٥ ​​كيلوواط/ساعة في ٥ متر/كيلوواط/ساعة يساوي ١٢.٥ ميل من المدى في الدقيقة - أي ضعف المسافة التي يمكن أن تقطعها سيارة موديل إكس عند شحنها لنفس عدد الدقائق! (بديهيًا، هذا منطقي، لأن موديل إكس، بمعدل ٢.٥ متر/كيلوواط/ساعة، يحقق نصف كفاءة استهلاك الوقود تقريبًا مقارنةً بسيارة ليف، بمعدل ٥ متر/كيلوواط/ساعة).

الآن ترى لماذا من غير المنطقي تفسير تصنيف الطاقة لشاحن السيارات الكهربائية من حيث عدد الأميال في الدقيقة من الشحن: يعتمد ذلك على السيارة.

نأمل أن تفهم الآن لغة السيارات الكهربائية! حتى لو بدا الأمر غريبًا في البداية، جرّب بعض هذه الحسابات البسيطة - باستخدام الضرب والقسمة فقط - وسرعان ما ستتمكن من تقدير وقت الشحن والمدى الذي تقطعه بشحنة واحدة كالمحترفين

اخبار ذات صلة

اكتشف المزيد
شركات شحن السيارات في السعودية: السرعة، الأمان، والأسعار المناسبة

١٧ أبريل ٢٠٢٥

شركات شحن السيارات في السعودية: السرعة، الأمان، والأسعار المناسبة

التيار السريع في الأحساء.. اسم يُعتمد عليه في عالم الشحن

١٧ أبريل ٢٠٢٥

التيار السريع في الأحساء.. اسم يُعتمد عليه في عالم الشحن

سيارة شركة الكهرباء.. من مجرد وسيلة نقل إلى رمز للخدمة الوطنية

٢٣ أبريل ٢٠٢٥

سيارة شركة الكهرباء.. من مجرد وسيلة نقل إلى رمز للخدمة الوطنية